قيمة الكتاب
إنّ للكتاب معان وقيم كثيرة ومميّزات جمّة يضمنها .والأكيد إنّ كلّ من يدرك ذلك جيّدا ويعلم أنّ هذا الكائن الجامد ذو قيمة ماديّة و معنويّة هامّة يكاد من خلالها أن يكون كائنا حيّا يحادث قارئه ويحاوره و يجادله ، يحاكيه و يسلّيه ويواسيه حتّى لكأنّ الكتاب يجالس قارئه مجالسة الصّديق لصديقه ...
الكتاب هو الصّديق الكتوم للأسرار والوفي والكريم الذي يجزل العطاء فلا يبخل على قارئه بمنفعة ولا يحرمه من فائدة والطّيب الذي لايتردّد في مواساة صديقه القارئ إذا ما لجأ إليه شاكيا باحثا عن النّصيحة فلا يردّه خائبا وإنّما يواسيه وينصحه ويرفّه عنه بعد أن يفيده لذلك يعتزّ كثيرون بمصادقته حتّى أنّ بعضهم يفضّل الكتاب صديقا .
من الفوائد الحاصلة لمصادقة الكتاب أو مجالسته : - هو سفر في عوالم عديدة وفي أزمنة مختلفة وأماكن متنوّعة يقود قارئه إلى رحلات مضمونة الوصول للاستفادة من ناحية المعلومات أو الحكايات أو اللّغة فهو ينمّي زاد القارئ اللّغوي والمعرفي ...
وذلك بفضل سحر اللغة العربيّة التي تؤمّن لقارئها مطالعة ممتعة وسفرا مميّزا في مختلف أشكال الكتابة الأدبيّة من رواية و أقصوصة وشعرا ومسرحا ....
ورغم الإهمال الذي شهده الكتاب بسبب التحوّلات الطّارئة في عالمنا المعاصر وعوّض أحيانا بالكتاب الإلكتروني إلاّ أنّ ذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن يلغي الكتاب المطبوع الذي له مميّزات لا يمكن أن تتوفّر في الكتاب الإلكتروني فللكتاب المطبوع رونقه و أصلته وروحه التي تنبض سحرا خاصا ويبقى الكتاب صديقا وفيّا نلجأ إليه نبحث بين أسطره عمّن يشبهنا ونقرأ بين كلماته أحلامنا ونعي واقعنا لهذه الأسباب كلّها للكتاب قيم تجعله من الضروريات في حياة التلميذ و الإنسان بصفة عامّة .
أ/ تعريف الكتاب
ا لتعريف اللغوي : جاء في لسان العرب لابن منظور : كتب الكتاب خطّه
ا-لتعريف الاصطلاحي : يتجاوز معنى الكتاب الحجم المادّي أو المضمون إلى كلّما هو مكتوب مهما اختلف حجمه وتنوّع مضمونه شريطة أن يكون ذا فائدة لقارئه معرفيّة أو لغويّة
ب/ أهمّية الكتاب اللّغويّة :
* تمكن مطالعة الكتاب من تنمية الزّاد اللّغوي للتلميذ .
* تعتبر المهارات اللغوية و الاْسلوبية والمنهجيّة من اْهمّ المهارات الاْساسيّة التي يجب العناية بها و التركيز عليها و لا يمكن إتقانها إلاّ بالمطالعة .
ج/ اْهمّية الكتاب المعرفية.
1- الكتاب يساعد التلميذ على فهم الواقع
الكتاب وعاء للمعرفة والثقافة و القيم وبقدر تنوع هذا المحتوى تتنوع القدرات المعرفية و المكتسبات الثقافية لدى قارىْ الكتاب فهو يعرفه بالواقع الحضاري والتاريخي و الجغرافي والوطني والديني و ما يتعلق بهويته مما يجعله متشبثا ومعتزا بانتمائه العربي الإسلامي فيتعرف على دينه و على لغته وعلى النظم الاجتماعية لبلاده وعلى التاريخ الوطني بداية من عصورما قبل التاريخ وصولا للحظة التي يعيشها قارئ الكتاب كما يمكنه من معرفة الوسط الجغرافي والدّيمغرافي والطّبيعي وكل ما يتعلق بالمحيط الذي يعيش فيه و التعرف إلى الواقع الحالي واْبعاده في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية...
2* الكتاب وسيلة للانفتاح على الحضارات الأخرى:
تمكّن مطالعة الكتب الأجنبيّة المترجمة إلى اللّغة العربيّة من إطّلاع القارئ على خصوصيّات الثّقافات الأخرى ( علومها ، آدابها ...سكّانها ، عاداتها ، معتقداتها ...) ممّا يجعل القارئ منفتحا على جميع الحضارات مستفيدا منها ومضيفا إلى ثقافته لا مقلّدا متجذّرا في حضارته ومتأصّلا فيها و معتزّا بها.
بعض ما قيل في الكتاب قديما وحديثا
*فمن ذكر الله تعالى في كتابه من فضيلة الخطّ وأنعام الكتاب قوله لنبيّه:﴿ إقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم ﴾
وأقسم به في كتابه المنزّل على نبيّه المرسل حيث قال:
﴿ن و القلم وما يسطرون﴾
ولذلك قالوا القلم أحد اللسانين وقالوا القلم أبقى أثرا واللّسان أكثر هذرا وقال عبد الرحمان بن كيسان : استعمال القلم أجدر أن يحض الذّهن على تصحيح الكتاب من استعمال اللّسان أجدر أن يحض على تصحيح الكلام وقالوا اللسان مقصور على القريب الحاضر والقلم مطلق في الشّاهد والغائب وهو للغابر الكائن مثله للقائم الرّاهن والكتاب يقرأ بكلّ مكان ويدرس في كلّ زمان واللسان لا يتجاوزه على غيره .
أبو عثمان الجاحظ
البيان والتبيين( الجزء الأول ص57)
* وصاحب مؤنس إذا حضر جالسني بالملوك والكبر جسم موات تحيا النّفوس به يجل معنى وإن دنا خطرا ملكت منه كنزا غنيت به فما أبالي ما قلّ أو كثرا أظلّ منه في مجلس حفل بالنّاس طرا ولا أرى بشرا وإن أطفل به فيا لك من مستحسن منظرا ومختبرا أعجب به جامعا ولو جعلت عليه كفّ الجليس لاستترا
وله فيه شمعة بركة صفر عمودها شمع تفيض نارا من موضع الماء تبكي إذا ما المقصّ خمشها فرط حياء من الأخلاء كأنّها عاشق مخايله فيه بواد لمقلة الرّائي صفرة لون وذوب معتبة ودمع حزن ونار أحشاء .
يتيمة الدّهر
أبو منصور عبد الملك الثعالبي ( 350هـ / 429 هـ)
ولسنا إلى ما يمسك أرما قنا من المآكل والمشرب بأحوج منّا إلى ما يثبّت عقولنا من الأدب الذي به تفاوت العقول ،وليس غذاء الطّعام بأسرع في نبات الجسد من غذاء الأدب في نبات العقل ...
أبو حيّان التوحيدي : الإمتاع والمؤانسة
قال المتنبّي :
خير جليس في الأنام كتاب
قال الجرجاني :
ما تطعّمت لذّة العيش حتّى ***صرت في وحدتي لكتبي جليسا
ليس عندي شيء أجلّ من العلم *** فلا أبتغي سواه أنيسا
قيل حديثا :
الكتب يا لها من كلمة سحريّة تطرب لها نفسي و يهتزّ لها قلبي فأنا ما غبطت أحدا إلاّ على الكتب و ما تمنّيت أن أكون عاملا لأحد إلاّ لصاحب مكتبة و لا أضعت قياد نفسي إلاّ في مكان فيه كتب .
محمّد الحليوي
إن غاب الأصحاب *** فصاحبي الكتاب
فيه حديث السّمر *** مزيّن بالصّور
يحلو به البيان *** و ما له لسان
كم قصّ لي حكاية *** لطيفة للغاية
يروي لي الأشعار *** و الأدب المختار
في العلم في السّطور *** يسري إلى الصّدور
قال أحمد شوقي
أنا من بدّل بالكتاب صحبا *** ولم أجد لي وافيا إلاّ الكتاب
صاحب إن عبته أو لم تعب *** ليس بالواحد الصاحب عاب
صحبة لم أشك منها ريبة *** ووداد لم يكلّفني عتابا
قال ناصيف اليازجي :
وأفضل ما شغلت به كتاب *** جليل نفعه حلو المذاق
قال توفيق عوّاد :
غدا أصير كتابا يا هناء عندي *** مقلّبا بين أنفاس وأبصار
محبّة سمحة الأكنان تمنحني *** في كلّ ثانية أعمار.