ما هو المطلوب من المربي

 

 

للمربي دورا كبير في تحديد وجهة التلميذ فهو  أقرب إليه من الأب ومن العائلة لذا يجب عليه أن يجعل منه شخصا متوازنا مع نفسه ومع غيره يوجهه نحو الاستقلال التربوي فيجعل التلميذ يدرك بنفسه قيمة منجزاته عن طريق التقدير المحايد ويصحح له الأفكار الخاطئة بعد اكتشافها و أن يوجهه نحو تثقيف الذات وهذا يكون بتحريضه على الفاعلية والنشاط مثل المطالعة , والرحلات الحوار السليم وغير ذلك.كذلك يوجهه إلى طريقة التعامل الصحيح والتكيف السليم مع محيطه وبيئته يقول بوفيه" أن الحياة لا يمكن تعريفها إذا أهملنا قدرة الكائن الحي على تلبية دواعي البيئة لأن الحياة تنطوي على التلبية ورد الفعل وهذا هو النشاط والحركية والفاعلية"

إن توجيه المراهق لا يكون بأسلوب عمودي بل بأسلوب أفقي مع مراعاة الأسس العمودية المجردة فإصلاح الخطأ لا يكون بالخطأ بل بالصواب .إذا التعامل مع ثورة لا يكون  بالثورة يعني إذا كان المراهق متحديا فلا نجابهه بالتحدي بل حكمة المربي في امتصاص ثورته وتحديه فمثلا إذا ظهر لنا تلميذ غير منضبط وله عقدة نفسية من الوقوف في الصف أمام الفصل فلا نصب كل غضبنا نحوه ولا نعنفه بل نفهم  أن ذلك هو محاولة منه لإبراز الذات أمام الغير ,إذا دور المربي هو كيفية تهميش العملية بكل لباقة مع ابتسامة ثم الحوار معه في فرصة ثانية لإقناعه بأن الوقوف في الصف ماهو إلا طريقة معروفة في كل العالم الهدف منها هو انضباط واحترام النفس والغير ,كذلك ربما البعض من المراهقين يشمئزون من الوقوف لتحية العلم صباحا فيتظاهرون بالتأخير , وهنا مهمة المربي ليست مجابهة بالعقاب أو تأويل العملية إلى أهداف أخرى بل كذلك جمع هؤلاء التلاميذ ومحاورتهم مبرزين قيمة العلم باعتباره رمز الوطن والوطن هو حاضنا وهو حياتنا ومستقبلنا وثقافتنا, لكن إذا ظهر لنا البعض ممن لا يهضمون هذا النوّع من الحوار والتعامل ووصلوا في تعنتهم ورفضهم للانضباط القانوني واستنفذنا معهم كل الطرق التربوية فلا يعني أننا نقف حائرين بل نلتجئ آنذاك للزجر والعقاب دون تشفي ودون اعتبار أننا نحاسب نحكم على مجرم بل كذلك عقابه مع الحوار معه وإقناعه بالعقوبة ولماذا استحقها مع الأمل في عدم الرجوع إليها , أما عن المتناقضات الموجودة في أساليب الحياة بين الأجيال فحتى وإن وجدت وشعر بها المراهق فإن مهمتنا إزاء هذه الظاهرة تبقي بارزة ويجب أن تكون كذلك وعلينا ومن خلال حكمتنا أن لا نترك له فرصة للإحساس بأي فراغ وبأي ثغرة بين جيل وآخر وذلك بمحاولة التعامل اللين معه والإقناع بان الأجيال وتعاقبها ما هي إلا علاقة جدلية اجتماعية طبيعية الهدف منها مواصلة أعمار الكون بأكثر ما يمكن من الأشخاص وليس للتناحر وما التغيير الذي يقع بين الأجيال في نمط الحياة ما هو إلا عملية تطوّر عادية نتيجة للتحوّلات التكنولوجية والعلمية ونبين له أن كل ذلك زائل ومتغيّر لكن الأخلاق والضمير والحب والتفاني والتعاطف بين البشر هو وحده الباقي.

المدير : محمد بن فرج